
وسط زحام الحياة اليومية في شوارع الإسكندرية، يبرز شاب في العشرينيات من عمره كأيقونة فنية تجسد روح المدينة. هو روما محمد، المعروف بلقب “عازف الشارع”، الذي يجذب الأنظار بعزفه لآلة الترومبيت، برفقة فرقته الصغيرة المكونة من شخصين، ليخلقوا لحظات موسيقية تلامس القلوب. ورغم الظروف التي حالت دون استكمال تعليمه، إلا أنه تعلم الدروس الأهم في مدرسة الحياة، معبرًا عن نفسه من خلال الموسيقى وناثرًا الفرح في أوقات الناس المزدحمة.
بداية مسيرة فنية وإصرار متواصل
يحكي روما عن بداياته مع الموسيقى، حيث بدأ عشقها منذ صغره بعد أن ترك المدرسة في الصف الخامس الابتدائي للمساعدة في إعالة أسرته. يقول: “بدأت العمل في الشارع من صغري لمساعدة أهلي.. العزف كان مهنة والدي وأنا أحببتها جدًا”. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الموسيقى وسيلته للتعبير عن هويته ومصدر رزقه، متحديًا بالصعوبات بعزيمة وإصرار.
منذ أن كان في سن الثامنة، بدأ روما في العزف في حفلات الزفاف، مستفيدًا من تجاربه في الشارع المصري، وقد تعلم كيف يُوصل الموسيقى بكل بساطة وصدق. اليوم، يعزف بفن يجذب القلوب، دون الحاجة لأي بهرجة، مؤكدًا: “العزف هو مصدر رزقي الوحيد.. من يحب الموسيقى يدعمني، ومن لا يعجبه لن أزعل منه”.
الفن كرسالة وأمل في مستقبل أفضل
يشدد روما على اعتماده الكامل على موهبته في كسب قوته اليومي، مؤمنًا بأن الفن يحمل رسالة وأثرًا مهمًا. وعند تعرضه لأي انتقادات أثناء العزف، يتعامل مع الموقف بتواضع، قائلًا: “أنا احترم الناس والمكان الذي أعزف فيه. إذا زعل أحد، أبتعد دون رد”.
يخرج يوميًا بألحانه ليمنح المارة لحظات من الهدوء في حياة مليئة بالصخب، مؤكدًا أن الموسيقى ليست مجرد هواية، بل هي “حياتي ورزقي”. يشير روما إلى حبه لعزف أغاني العندليب عبد الحليم حافظ والسلطان جورج وسوف، ويسعى ليمتع جمهوره بأداء متنوع يشمل القديم والحديث.
رغم تنوع أدائه، إلا أنه لا يزال ينتظر الفرصة التي ستبرز موهبته بشكل أكبر، معبرًا عن أمله في العمل مع فنانين محترفين وبدء حفلات كبيرة: “أريد أن أعمل مع فنانين كبار، وأن أظهر في حفلات أمام جمهور واسع”.
رسالة أمل ودعوات الأم
في رسالته لشباب الجيل، يوجه روما كلمات مليئة بالأمل والعزيمة، مؤكدًا ضرورة التمسك بالأحلام مهما كانت التحديات: “إذا كان لديك حلم، فلا تتخلى عنه.. لا أحد سيفهم موهبتك مثلك”.
وفي ختام حديثه، يعبر روما عن تقديره الكبير لوالدته الراحلة، التي كانت داعمته طوال حياته، قائلًا: “كل ما حققته يعود لدعوات أمي، رحمها الله. عهدت على نفسي أن أكمل الطريق الذي كانت تتمنى رؤيتي فيه”.