من الطباشير إلى فن الكونكريت: إبداعات معلمة سكندرية في التصنيع اليدوي

من الطباشير إلى فن الكونكريت: إبداعات معلمة سكندرية في التصنيع اليدوي

تستمر الحرف اليدوية في التألق على الساحة الإبداعية المصرية، مع تزايد الإقبال عليها من مختلف الفئات العمرية، حيث تُعد بمثابة مساحة للابتكار ومصدر دخل وأسلوب حياة للعديد من صناع الجمال. في قلب الإسكندرية، اختارت معلمة متقاعدة إدخال تغييرات على حياتها من خلال “الكونكريت الفني”، حيث انتقلت من فصول الدراسة إلى ورشة العمل، ومن السبورة إلى تشكيل قوالب الجبس، دون أن يتلاشى شغفها على مر السنين.

أماني عبد الرحيم، المعلمة السابقة وصانعة الكونكريت اليدوي في الإسكندرية، تحكي كيف رفضت أن تمر سنوات تقاعدها دون فائدة. فقد اعتبرت توقفها عن العمل بداية جديدة وليس نهاية، وبدأت في حضور دورات تدريبية واستكشاف مجالات جديدة حتى وجدت شغفها في الكونكريت، الذي تصفه بأنه حب قديم، رافقها منذ الصغر حيث كانت تنجذب لكل ما هو مصنوع يدويًا، مقدرةً أن كل خامة تحكي قصة تستحق أن تروى.

مع ارتفاع أسعار الخامات وصعوبة الدخول إلى مجالات فنية أخرى، وجدت أماني في “الكونكريت الفني” حلًا مريحًا لأنه يجمع بين الاقتصادية وسهولة التنفيذ والقدرة على الابتكار. توضح أنه يمكن صنع قطع فنية متنوعة بتكلفة لا تتجاوز 15 جنيهًا وبوقت لا يتعدى خمس دقائق، حيث يمكن لقالب واحد أن يُستخدم لإنتاج عشرات القطع المزينة بمواد بسيطة مثل الخيش والزهور المجففة.

تؤكد أماني أنها لا تبدأ أي مشروع بنية البيع ولكن بدافع الفضول والشغف، حيث تصنع أولى القطع لنفسها قبل التفكير في الربح. ترى أن أول اختبار حقيقي لقيمة المنتج يكون عند تقديمه كهدية، حيث تشير إلى أن رد فعل الأصدقاء يعد مؤشراً قوياً على جودة العمل. بعد أن تلقت ردود فعل إيجابية، بدأت في نشر صور أعمالها على منصات التواصل الاجتماعي وأنشأت صفحة خاصة للترويج لمنتجاتها، مؤكدة أن العمل اليدوي يتطلب جرأة وإبداعًا وليس رأس مال كبير.

رغم إتقانها لعدة حرف أخرى مثل التطريز السيوي وصناعة قطع فنية تراثية، لا تتوقف أماني عن التجريب، حيث تقول إن الإتقان لا يأتي من المحاولة الأولى، بل من خلال الاستمرار والممارسة. في بعض الأحيان، تعيد تنفيذ نفس القطعة حتى تصل إلى الشكل الذي يرضي ذوقها.

وفي ختام حديثها، توجهت برسالة لمن لديهم شغف ولكن يخشون البدء، قائلة: “ابدأ بما هو بسيط، ولا تخشَ الفشل، فالإتقان يحتاج إلى الوقت، ومع كل قطعة جديدة ستقترب أكثر من تحقيق أحلامك، بثقة وحب واحترافية.