
في مدينة إدفو التابعة لمحافظة أسوان، تتحول ساحة الشيخ مصطفى عبد السلام إلى مكان يجسد الروحية ويعيد الأذهان إلى البدايات الأولى للإسلام، حيث يحتفل الجميع بمناسبة المولد النبوي بطريقة فريدة ومعبرة.
### ساحة الشيخ مصطفى: رمز الزهد والحكمة
تُعتبر ساحة الشيخ مصطفى عبد السلام، منذ زمن طويل، وجهة للروحانيين ومحبي الحكمة، نظراً للأجواء السكينة التي توفرها. يُعرف الشيخ مصطفى بجمعه بين الزهد الروحي والحكمة العملية، مما جعل الساحة مركزاً يتوافد عليه العلماء والصالحون من مختلف أنحاء صعيد مصر.
وقد ورث أبناؤه مسارين مختلفين؛ فالشيخ أبو الحسن اختار الزهد المطلق، بينما ظل الشيخ عبد السلام قريباً من الناس، حيث جمع بين التسامي الروحي ودوره الاجتماعي مما جعله شخصية مؤثرة في حياة أهل المنطقة.
### طقوس تعيد ذكريات الهجرة النبوية
وصف الشيخ عبد الفتاح عبد الغني، أحد أتباع الشيخ مصطفى، أجواء الاحتفالات قائلاً: “عند دخولك الساحة في أيام المولد، تشعر كما لو كنت انتقلت لعصر البدايات الإسلامية”، إذ تتزين الأرض بسجاد بسيط، وتضيء الأنوار وجوه الناس بالخجل والسرور. يتجمع المريدون وأبناء الطرق الصوفية والأهالي لإحياء ذكرى المولد النبوي من خلال طقوس متوارثة، تختتم بختمة ألفية للصلاة على النبي ثم تلاوة سورة يس، لتنتهي الليلة بمائدة عامرة يجتمع حولها الجميع.
### موكب “الهجرة” في شوارع إدفو
من أبرز معالم الاحتفالات هو انطلاق موكب يتصدره جمل مزين بهودج أخضر، ترافقه دفوف صوفية تنتشر في الشوارع ب rhythm مميز، مما يملأ الأجواء بالأصوات الزغاريد والمدائح، ويعيد إلى الأذهان ذكرى الهجرة النبوية.
يقول الشيخ عبد الفتاح: “عندما ترى الموكب يجوب المدينة، تشعر أنك ترافق الصحابة.. كل شيء هنا يعيدك إلى البدايات”، وقد أسهمت طبيعة إدفو البسيطة في تعزيز هذا الشعور، ليبدو المكان وكأنه صورة حية من زمن الرسول الكريم، حيث تتجلى نقاء الإيمان وصفاء القلوب.