
شهدت محافظة الإسكندرية واحدة من أسوأ حوادث الغرق في السنوات الأخيرة، حيث تحولت فعاليات معسكر تدريبي تابع لإحدى الأكاديميات الخاصة في محافظة سوهاج إلى مأساة إنسانية، أسفرت عن وفاة 7 طلاب وإصابة 26 آخرين. وقد أثار هذا الحادث ضجة كبيرة في المجتمع، ولا تزال التحقيقات سارية لكشف تفاصيل الكارثة ومحاسبة المسؤولين عنها.
قصصت ثلاث من الطالبات الناجيات، وهن رانسي محمد طلعت، وشهد إمام العلي، وهدى علاء محمود، من محافظة سوهاج، تفاصيل الساعات العصيبة التي عشنها على شاطئ أبو تلات يوم الحادث.
تقول رانسي: “كنا في معسكر تدريبي إجباري، وأخبرونا أن الأنشطة ستقتصر على تدريبات لياقة بدنية، لكننا تفاجأنا بقرار مفاجئ بالنزول إلى البحر دون تجهيزات أو إشراف كافٍ. كانت الأمواج مرتفعة جدًا، وسحبنا الماء إلى الداخل، وكنا نصرخ طالبين النجدة دون جدوى، حيث وقف المدربون يشاهدوننا من الشاطئ دون محاولة لإنقاذنا. بعد الحادث، صادرت الإدارة هواتفنا ومنعتنا من التواصل مع أهلينا، رغم أننا شهدنا فقدان زميلات لنا.”
وأضافت شهد إمام العلي، التي نجاها قدرها من الغرق، قائلة: “كنت على الشاطئ ورأيت زميلتي تغرق أمام عيني. حاولنا استغاثة المدرب لكنه تجاهلنا، ولولا تدخل بعض الشباب والطبيب الموجود بالصدفة على الشاطئ لكان الوضع أسوأ. الأكاديمية حاولت التكتيم على الحادث وأبلغت الأهالي بأن الأمور على ما يرام ولم تخطر الإسعاف إلا بعد أن تدخل الأهل.”
أما هدى علاء محمود، فتحدثت عن ما وصفته بـ”الإهمال الممنهج”، إذ أكدت أن المعسكر كان إجباريًا رغم اعتراضاتهم، وتم وضعهم في فيلا بعيدة وأُجبروا على تنفيذ تدريبات شاقة بدءًا من السادسة صباحًا، مع فرض النزول إلى البحر رغم عدم إتقانهم السباحة. وأشارت إلى أنه أثناء وقوع الحادث، لم يقدم لهم أي إسعاف بل تم الأمر بتوجيههم للعودة إلى السكن ومنعهم من استخدام هواتفهم. كما كشفت أن زملاءهم هم من أنقذوا البعض، لكن بعضهم فقد حياته أثناء محاولته إنقاذ الآخرين.
اختتمت الطالبات شهادتهن بمطالب بضرورة محاسبة المتسببين في الكارثة، مؤديات: “لن نصمت حتى نحصل على حق زميلاتنا، وندعو ألا يتكرر ما حدث معنا مع أي طالب آخر.”
فيما يتعلق بالتحقيقات، فقد توصلت الأجهزة الأمنية بعد أيام من الحادث إلى القبض على المتهم “س. ح.”، صاحب الأكاديمية، أثناء محاولته الهرب. وكشفت التحقيقات الأولية عن تورطه في الكارثة وكذلك ممارسته لعمليات نصب على العشرات من الطلاب وأسرهم بإيهامهم بتقديم برامج تدريبية في مجال الطيران ومنح شهادات غير معتمدة مقابل مبالغ مالية كبيرة.
تواصل النيابة العامة تحقيقاتها لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، مؤكدة أنها ستتخذ جميع الإجراءات القانونية لملاحقة كل من يثبت تورطه في هذه الجريمة التي شهدت تجمعاً بين الاحتيال وفقدان الأرواح.