«قرص العدرا»: تقليد مصري يلم شمل القلوب في عروس البحر الأبيض المتوسط

«قرص العدرا»: تقليد مصري يلم شمل القلوب في عروس البحر الأبيض المتوسط

تستمر العادات الشعبية التي ورثها الأجداد في الظهور بقوة خلال الأعياد والمناسبات الدينية، إذ يحافظ المصريون على إحيائها لما تحتويه من قيم روحية وإنسانية. ومن أبرز هذه الطقوس عادة توزيع “قرص العذراء” المرتبطة بعيد صعود جسد السيدة العذراء مريم، والذي يحتفل به في الكنائس سنويًا في شهر أغسطس، ويستمر صيامه لمدة 15 يومًا.

في مدينة الإسكندرية، وبالتحديد في منطقة سيدي بشر، تعود هذه الطقوس لتُحيى في منازل الأسر القبطية كل عام، حيث تجتمع العائلات حول صور وتماثيل “أم النور” مضيئة الشموع، لإعداد القرص والحلويات، تمهيدًا لتوزيعها على الجيران والأصدقاء، في أجواء مليئة بالمحبة التي تشمل الجميع مسلمين ومسيحيين.

تقول رانيا إبراهيم: “العدرا تجمع أحبّتها، سواءً من المسلمين أو المسيحيين.. وصوم العذراء من أجمل المناسبات في قلوبنا.” وتحرص سنويًا على تجهيز احتفالات العيد واعتباره “عيدًا مصريًا أصيلًا.” وتضيف هذا العام أعدت أكثر من 150 كيسًا تحتوي على القرص، البسكويت، الحلويات، صور السيدة العذراء، الشموع، والزهور باللونين الأبيض والأزرق، رمزي ملابسها، ليتم توزيعها على الجيران من المسلمين والأقباط.

وفي تعبير آخر عن روح التلاحم، قال عم مصطفى، صاحب ورشة للأثاث: “نحن أسرة واحدة.. جيراني الأقباط يهدوننا في عيدهم، ونحن نبادلهم الهدايا في رمضان والأعياد الإسلامية.” ويرى أن العادات تعزز روابط المحبة وتجعل السعادة دائمًا حاضرة بينهم.

استرجعت برونيا نسيم ذكريات الماضي قائلة: “كانت جدتي تعدّ القرص بكميات كبيرة بمعاونة العائلة، وتوزعها أمام الكنيسة.. واليوم أضفنا الشموع والصور لتكتمل فرحة الجميع.”

أما أندرو نسيم، شماس بالكنيسة، فقال: “أفضل لحظة لي هي بعد الصلاة، عندما أوزع أكياس القرص على الجيران وأرى ابتساماتهم.”

ولا يقتصر الاحتفاء على المسيحيين فحسب، إذ عبر عم جمال، أحد الجيران المسلمين، عن شعوره بقوله: “هذا اليوم يمثل البركة والتلاحم بين الناس، ويعكس طاقة من الحب تعزز العلاقة بين الجيران.”

وأكدت أم محمد أن هذه الطقوس تُظهر صورة إنسانية رائعة، تثبت أن المصريين، رغم اختلاف عقائدهم، متحدون بالمحبة والبركة. وأضافت: “ذكرى السيدة العذراء تحمل معنى خاصًا في قلوب الجميع.. فالمحبة أقوى من أي اختلاف.