
استعرضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي محاور وفصول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» التي أُطلقت في 7 سبتمبر الجاري بهدف تحقيق التكامل بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة، ويأتي ذلك ضمن الدور المنوط بالوزارة وفقًا لقانون التخطيط العام للدولة رقم 18 لعام 2022 الذي ينص على وضع منظومة متكاملة للتخطيط التنموي، تشمل تحديد الرؤية والاستراتيجيات ذات الصلة ومتابعة تنفيذها على المستويات القومية والإقليمية والقطاعية، وربطها بسياسات الاقتصاد الكلي، مع تحسين كفاءة استخدام الموارد المحلية والأجنبية بما يتناسب مع قانون المالية العامة الموحد رقم 6 لعام 2022.
المحور | المحتوى الأساسي |
---|---|
استقرار الاقتصاد الكلي | التحديات الهيكلية، الفجوة بين الادخار والاستثمار، تحسين تخصيص الموارد، تعديل قانون التخطيط والمالية العامة |
الاستثمار الأجنبي المباشر | تعزيز الاستثمار، نقل التكنولوجيا، خلق فرص عمل، دعم ريادة الأعمال |
التنمية الصناعية | استراتيجية التنمية الصناعية، تعزيز التجارة الخارجية، مواجهة تحديات تعديل الحدود الكربونية |
سوق العمل | زيادة كفاءة ومرونة سوق العمل، التنسيق بين التعليم ومتطلبات السوق، دعم ريادة الأعمال |
التخطيط الإقليمي | تفعيل التخطيط على المستويات القومية والإقليمية والمحلية، تعزيز العدالة المكانية، دمج البعد البيئي |
أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» تهدف إلى التحول نحو نموذج اقتصادي متكامل يقوم على تجميع الأولويات وترابطها، مما يضمن مسارًا متماسكًا للنمو الشامل والمستدام، ويبدأ ذلك بإعادة توجيه السياسات الصناعية والتجارية نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل، إلى جانب تكثيف الجهود لتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات التنظيمية، مع العمل على إعادة هيكلة قطاعات الاقتصاد الحقيقي وزيادة قيمتها المضافة بالاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد المصري.
وأشارت المشاط إلى أن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية يمثل الأداة الرئيسية التي تعتمد عليها الدولة لترجمة تلك الأهداف على أرض الواقع من خلال إطار تنفيذي يحول الرؤية الاقتصادية إلى سياسات عملية تعالج الاختلالات المؤسسية والتنظيمية والهيكلية، كما تؤسس لنمو أكثر استدامة وشمولًا، ويستند البرنامج إلى ثلاثة محاور رئيسية تشمل تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، زيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
وأضافت الوزيرة أن جوهر الإصلاحات الهيكلية يتمثل في توحيد الجهات والرسوم، وتحسين كفاءة الجهاز الإداري للدولة، مع إعادة تعريف دور الدولة تدريجيًا بحيث تتحول من النشاط الاقتصادي إلى المنظم والمروج والمحرك للاستثمار، لا سيما الاستثمار الأجنبي المباشر، وهذا التحول يدعم مشاركة القطاع الخاص، ويوفر فرص عمل جديدة، ويعزز الصادرات ويرتقي بمستوى المعيشة، وبالتالي يحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى المتوسط والطويل.
استقرار الاقتصاد الكلي
يلقي الفصل الأول الضوء على أهمية الاستقرار الاقتصادي الكلي كركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ويستعرض التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري مثل الفجوة المزمنة بين الادخار والاستثمار، ضعف الإنتاجية، صعوبة تعبئة الموارد المحلية، والحاجة إلى رفع كفاءة إدارة الاستثمار العام، ويقترح سياسات لتعزيز مرونة الاقتصاد واستدامته المالية من خلال تحسين تخصيص الموارد وتوجيهها نحو القطاعات الإنتاجية والتصديرية ذات الأولوية.
يركز الفصل على أهمية التكامل بين قانون التخطيط العام رقم 18 لسنة 2022 وقانون المالية العامة الموحد رقم 6 لسنة 2022، وتفعيل اللائحة التنفيذية لقانون التخطيط، بما يسهم في تحديد الفجوات التنموية على المستويين القومي والمحلي، كما يتناول ضرورة مواءمة الخطة الاستثمارية للدولة مع الموازنة متوسطة الأجل، وتطوير إطار مؤسسي لتحديد فجوة التمويل ومصادرها، مع ضمان التناسق بين السياسات الاقتصادية المختلفة ضمن تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.
يشمل الفصل جهود تفعيل الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية التي تهدف إلى تعبئة الموارد المحلية والدولية وتوجيهها لدعم القطاعات ذات الأولوية، مع تعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال رفع نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 70% بحلول عام 2030، ودمج البعد البيئي في عملية التخطيط التنموي، ويختتم بعرض التوجهات العامة للسياسة المالية التي تركز على تحفيز القطاع الخاص، وتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات، ورفع كفاءة الاستثمار والإنفاق الحكومي بهدف خلق حيز مالي يمكّن من توسيع الإنفاق على أولويات التنمية مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.
الاستثمار الأجنبي المباشر
يركز الفصل الثاني على الاستثمار الأجنبي المباشر ليس فقط كوسيلة لسد الفجوة التمويلية، بل كأداة استراتيجية لتوطين المعرفة، نقل التكنولوجيا، تعزيز التكامل مع سلاسل القيمة العالمية، وخلق فرص عمل ذات إنتاجية عالية تحفز النمو الإنتاجي طويل الأمد، كما يستعرض المحاور المرتبطة بتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي عبر تحديد القطاعات ذات الأولوية والجاهزة للترويج في إطار الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر.
يُبرز الفصل العلاقة بين أهداف جذب الاستثمار والقطاعات الصناعية والتجارية ذات القيمة المضافة العالية، بالإضافة إلى توافق هذا التوجه مع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تركز على القطاعات ذات الإمكانات العالية للنمو وتوليد فرص العمل المستدامة، مع إلقاء الضوء على دور ريادة الأعمال والشركات الناشئة في تعزيز الاستثمار من خلال «ميثاق الشركات الناشئة في مصر» كأداة تنظيمية داعمة لتوسيع هذا الدور.
يستعرض الفصل أيضًا التحول الهيكلي في دور الدولة في النشاط الاقتصادي عبر تمكين القطاع الخاص لقيادة جهود التنمية، فضلاً عن استعراض السياسات والإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتهيئة بيئة أعمال تنافسية وجاذبة تتماشى مع معايير تقرير «جاهزية بيئة الأعمال».
التنمية الصناعية
يركز الفصل الثالث على استراتيجية التنمية الصناعية ووثيقة السياسات التجارية التي تحدد القطاعات الصناعية والتجارية ذات الأولوية، موفرًا رؤية شاملة لتعزيز أداء التجارة الخارجية وتحفيز الصادرات، إلى جانب استعراض الإصلاحات المطلوبة لتسريع النمو في القطاعين الصناعي والتجاري مع التكامل مع استراتيجيات الاستثمار الأجنبي المباشر والتشغيل، مع التركيز على مواجهة تداعيات آلية تعديل الحدود الكربونية بما يضمن الحفاظ على النفاذ إلى الأسواق الأوروبية وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية.
كما يعرض الفصل جهود الدولة في وضع الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية ودمجها مع الاستراتيجية الوطنية لتعزيز التجارة الخارجية، ويركز على قطاعات الزراعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التحول الرقمي، السياحة، والطاقة باعتبارها محركات رئيسية للتحول الهيكلي في الاقتصاد المصري.
تعزيز كفاءة ومرونة سوق العمل
يناقش الفصل الرابع أهمية تنمية رأس المال البشري، وتعزيز بيئة الابتكار وريادة الأعمال ضمن النموذج الاقتصادي الجديد من خلال الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تُعد محورًا رئيسيًا لتحقيق النمو وزيادة الإنتاجية وتعزيز فرص العمل اللائقة، خصوصًا للشباب والنساء، فيما يعكس التوجه التزام الدولة بتوجيه المزيد من الاستثمارات العامة نحو التعليم، الصحة، والتعليم الفني لبناء منظومة مهارية متكاملة تتماشى مع احتياجات الاقتصاد الإنتاجي.
ويُعزز هذا الفصل التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل عبر تطوير المهارات الفنية والتقنية وتحسين جودة التدريب المهني، مما يساهم في معالجة الاختلالات بسوق العمل ورفع معدلات التشغيل والاندماج في الاقتصاد الرسمي، إلى جانب تطوير بيئة ريادة الأعمال والابتكار عبر إصلاح الأطر التشريعية والتنظيمية، تسهيل النفاذ للتمويل، وتطوير الحوافز الموجهة للقطاعات الناشئة.
التخطيط الإقليمي لتوطين التنمية الاقتصادية
يركز الفصل الخامس على تفعيل قانون التخطيط العام للدولة على المستويات القومية والقطاعية والإقليمية والمحلية لتعزيز كفاءة منظومة التخطيط وتحقيق التكامل بين أهداف التنمية المختلفة، ويبرز دور ثلاثية التوطين الفعّالة التي تقوم على الدمج بين البرامج المحلية المطورة، خطط المواطنين، وآليات المشاركة المجتمعية، مع التركيز على توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات لتحقيق العدالة المكانية في توزيع الاستثمارات والخدمات.
ويؤكد الفصل على أهمية البيانات والأدلة في صياغة سياسات تنموية دقيقة وفعالة من خلال الاعتماد على الدراسات الإحصائية والمؤشرات التنموية لتحديد أولويات التدخل وتوجيه الموارد للمناطق الأكثر حاجة، كما يستعرض آليات تعزيز التنافسية بين المحافظات عبر مؤشر تنافسية المحافظات.
ويلقي الفصل الضوء على المشروع القومي لتطوير الريف المصري «حياة كريمة» كأحد أكبر برامج التنمية المكانية الشاملة، بالإضافة إلى منصة «مصدر» المخصصة لرصد ومتابعة مؤشرات التنمية المستدامة، فضلاً عن جهود دمج البعد البيئي في التنمية المحلية من خلال مبادرات وطنية مثل المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية وبرنامج «نُوفي» وغيرهما من المبادرات التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي.
شارك برأيك في السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية من هنا.