تغير المناخ يؤدي إلى انكماش كبير لأكبر بحر داخلي في العالم

تغير المناخ يؤدي إلى انكماش كبير لأكبر بحر داخلي في العالم

أدى تغير المناخ إلى تدهور كبير في أكبر بحر داخلي بالعالم، حيث يمثل بحر قزوين، الذي يقع على الحدود بين أوروبا وآسيا الوسطى ويحيط به أذربيجان وإيران وكازاخستان وروسيا وتركمانستان، بيتاً لحوالي 15 مليون نسمة. ومع تغير المناخ، التحقت بالبحر أوضاع مأساوية حيث تحولت المناطق المائية الصالحة للحياة إلى صحاري جافة بفقدان المياه بسرعة، ما أسفر عن هجر الطيور والأسماك التي كانت تسكنه، واضطرت شركات النفط إلى البحث عن حلول طويلة للوصول إلى مواقعها البحرية.

المؤشر الوضع الحالي
مساحة البحر المتعددة فقدان أكثر من 50 كيلومتراً من السواحل
تأثير على الأنظمة البيئية تحول المناطق الرطبة إلى صحاري
التكلفة الاقتصادية مليارات الدولارات لحماية المصالح البشريّة

يعد بحر قزوين مركز اهتمام مهم للصيد والنقل البحري وإنتاج الطاقة، ويمتاز بموقعه الاستراتيجي الهام، ومع ذلك، فإن الحكومات تواجه تحديات جسيمة للحفاظ على الأنشطة الاقتصادية وضمان استمرارية الحياة، لذا يحتاج الأمر إلى توازن دقيق لحماية النظم البيئية الفريدة التي تعتمد عليها المجتمعات المحيطة.

بحر في حالة تدهور

على مدار التاريخ، شهد مستوى بحر قزوين تقلبات ملحوظة، لكن التغيرات الحالية تعتبر غير مسبوقة، وسجل علماء روس ارتفاعاً في معدل انخفاض مستويات المياه ليصل إلى نحو 30 سم سنوياً منذ عام 2020، ما يجعل الوضع أكثر قسوة مقارنة بالعقود الماضية. وفي يوليو 2025، تم الإعلان عن تجاوز مستوى البحر أدنى مستوى تاريخي خلال فترة القياسات العلمية.

بينما كانت التقلبات السابقة بسبب عوامل طبيعية، إلا أن الضغوط البشرية والاحتباس الحراري أصبحا العاملين الرئيسيين في تدهور مستوى المياه الحالي. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يتناقص تدفق المياه إلى البحر من الأنهار، مما يفاقم من مشكلة ارتفاع معدل تبخر المياه الذي يفوق التدفق.

إذا استمر الوضع على هذه الحال، فمن المتوقع أن يشهد البحر انخفاضاً يصل إلى 10 أمتار مقارنة بمستويات عام 2010، ومع استمرار الانبعاثات الحالية، قد يصل الانخفاض إلى 18 متراً، وهو مقياس يعادل ارتفاع مبنى مؤلف من ستة طوابق، ويؤشر هذا الوضع على أزمة بيئية صعبة تتطلب استجابة عاجلة.

المخاطر المحتملة لانحسار بحر قزوين

ستكون العواقب البيئية الناتجة عن انحسار مياه البحر عنيفة، فتهدد هذه الظاهرة أربعة أنواع من الأنظمة البيئية الراقية وقد تفقد أختام بحر قزوين المهددة بالانقراض ما يصل إلى 81% من موائلها الحالية، كما سيتعرض سمك الستروغان لأزمات في الوصول إلى مواقع التكاثر. كما هو الحال مع بحيرة آرال، وسط آسيا، سيتسبب انحسار مياه البحر في إطلاق غبار سام من قاع البحر المكشوف، مما يطرح مخاطر صحية تهدد الملايين من السكان.

يحتاج موانئ مثل أكتائو في كازاخستان وبخو في أذربيجان إلى استثمارات باهظة للحفاظ على عملياتها البحرية، حيث تضطر شركات النفط إلى حفر قنوات طويلة بتكاليف قد تصل إلى مليارات الدولارات، مما يشير إلى تصاعد المخاطر والتحديات المالية. ويمثل بحر قزوين جزءاً أساسياً من “الممر المتوسط”، وهو طريق تجاري استراتيجي يربط بين الصين وأوروبا، وأصبح مع تدني مستوى المياه يتعين الحد من حمولات السفن وزيادة التكاليف، ما يهدد البنية التحتية بمسافات تصل إلى عشرات الكيلومترات بعيداً عن البحر.